رواية بيت القاسم كاملة ممتعة للغاية بقلم الكاتبه ريهام محمود

رواية بيت القاسم كاملة ممتعة للغاية بقلم الكاتبه ريهام محمود

موقع أيام نيوز


خشبية عدا عن ابتسامة تشق ثغرها بدقة.. ابتسامة باهتة تبدو مكرهة عليها.. 
كانت تجلس هي بالمقابل تتأمل والدها بنظرة جامدة.. وقد انشغل بالحديث مع جدها.. 
تتفحص هيأته كان وسيم الطلة حتى ببلوغه عامه الخمسين الا أنه يحافظ على حلاوة قسماته عيناه البنية ترمقها من حين لآخر بنظرات حانية لم تهتم بها أو تروقها.. بعض تجاعيد بجوار ثغره.. وتجاعيد أخرى بجوار عينيه تثبت تقدمه بالعمر.. وشعيرات فضية متناثرة بكثرة أعلى رأسه.. 

شعرت بنظرات تخترقها.. فالتفتت على حين غرة لتفاجأ بقاسم يجلس بالجوار.. رجف جفنيها واختفت ابتسامتها الزائفة 
عضت على شفتها بتوتر.. أشاحت بنظراتها لأبيها ثانية دون تركيز بحديثه.
وذلك الشعور القديم راودها من جديد حيث ينتابها الخجل وتتسارع خفقاتها بحضوره هي الآن تشعر باحتقان وجنتيها وبالتأكيد لاحظ هو.. 
لما لا تنتبه لوجوده!!.. الآن الجو بالصالة زاد حرارة 
ببطء عادت بنظراتها إليه وجدته كماهو مثبت نظراته عليها وعيناه تحمل نظرة غريبة لم تفهمها..واستفسار لم ينطق به!
...................
.. ليلا
.. بالمبنى الذي يقيم فيه زياد.. كانت يارا تقف أمام باب شقته تتردد برن الجرس.. خائڤة من رد فعله.. 
لا تعلم أن كان هدأ قليلا أم مازال على اشتعاله.. 
تلك الليلة الرابعة لخصامهما.. بالأحرى خصامه لها.. وقررت اليوم مصالحته ومراضاته حيث لا خصام يدوم أكثر من ثلاث ليالي.. 
وأخيرا أخذت قرارها وسحبت نفسا طويل
لصدرها وهي تضغط على الجرس 
تنتظر رؤيته تعلم أنه بالداخل ف سيارته مركونة بجوار المنزل بالأسفل.. 
ولم تنتظر كثيرا.. فتح الباب بملل و نظرات متسائلة عن من يطرق بابه ولكن ما إن رآها تحولت نظراته لأخرى حانقة والضيق بدا على وجههينظر إليها بملامح جامدة يزفر بحدة أحزنتها
غمغمت بخفوت ونظرات لائمة 
هتسيبني واقفة ع الباب كدة!! 
ولم يهتم بلوم نبرتها أو شحوب بشرتها.. يسألها بحدة وقد بدا مجروح
خير.. جاية ليه.. مش اخترتي هناك وسيبتبني!
تدافع عن نفسها بصدق
أنا مقدرش أسيبك يازياد.. أنا كنت خاېفة منك.. 
رفع حاجبيه يسخر منها
حوشي يابت.. لأ وإنت پتخافي أوي..
طأطأت برأسها بخزي.. بين كل ثانية وأخرى ترفع نظراتها تبحث عن عناق 
زفر بيأس قبل أن يلبي حاجتها ويجذبها في عناق أخوي تشبثت به بالمقابل
تعالى..
وقد اشتاق لها أضعاف ما اشتاقت إليه يربت على رأسها ولازال
كانت صامته تستند بجانب وجهها على صدره عدا عن دموعها التي تسابقت على وجنتيها بندم وخزي ترددت قبل أن تقول بنبرة خفيضة منكسرة
محصلش بينا حاجة والله يازياد.. 
عارف...
يؤكد بأفعاله على تصديقها 
روحت كسرت البيت ع دماغه..
يشدد من احتضانها وقد شعر برجفتها 
مټخافيش..
ابعدها قليلا عنه رغم رفضها البادي وتمسكها بأناملها بقميصه بشدة.. 
يمسح دموعها برفق.. 
هاخدك ونسافر يومين نحاول ننسى اللي حصل.. 
وزادت هي بتقرير .. 
وناخذ حنين معانا.. 
نظر زياد إليها رافعا حاجبيه فاغر فمه قليلا قبل أن يسأل متعجبا.. 
وده من أمته!
طرقت برأسها تخفي ابتسامة صغيرة محرجة عنه فهو يعلم بأنهما ليسا على وفاق.. 
غيرت الحوار توزع نظراتها بينهما بتساؤل.. 
هو احنا هنفضل واقفين ع السلم .. 
جذبها بيده للداخل 
تعالى.. هعملك عشوة عشان الصلح..
وقبل أن يغلق الباب ويلحق بها سمعها تهتف پألم مصطنع ضاحكة
اااه أهلا بالتلبك المعوي..
...............
اليوم التالي 
بشقة أكرم 
كانت نورهان تجلس على الأريكة تستند بوجنتها أعلى كفها شاردة قليلا بملامح عابسة عيناها تائهتان بالفراغ وكأن بعقلها تدور حرب لا تعلم كيف تتصدى لها.. 
تركت كل شيء خلفها وعادت من جديد.. بعد أن هيأت نفسها على حياتها الهادئة بدونه بعد أن استسلمت لشعور النبذ والخروج من جنته أو بالأحرى ناره.. 
وتلك المرة هو من طلب.. و أقر وأصر على العودة بكل الطرق.. 
وهي من اعتادت النبذ والرفض منه دون سبب ليأتي ويهدم كل شيء كانت تفعله من أجل الاستقرار بعيدا عنه بفرقعة أصبع حين جرها خلفه هي وشقيقها الصغير..شقيقها الذي رحب بالأمر.. 
تخاف من تحوله عودة أكرم السابق الذي اذاقها من العڈاب ألوان.. كما أذاقها من الاهتمام والمراضاة أيضا على طريقته.. 
ماذا ستفعل إن تركها..! أو حن لماضي بوجودها معه ستحرمه منه..!! 
لم تكذب حين أسمته رجل التناقضات الشيء وعكسه .. 
تخشى الرجوع لنقطة الصفر كما قالت له سابقا وتهكم هو حينها..! 
تنهدت لتنفث أفكارهاتلتقط أنفاسها المضطربة بفضل تفكيرها السلبي وتعود لوقتها الحالي صغيرتها ملك نائمة بجانبها على الاريكة بعد أن تعبت من اللعب وشقيقها الصغير يجلس على أريكة بعيدة عنها قليلا يلهو بهاتفه الحديث يعبث بتطبيقاته.. منبهر وذلك أقل وصف يقال عنه مع اتساع حدقتيه.. 
اعتدلت بجلستها تهتف باسم شقيقها تنتزعه من فرحته بالهاتفتقول بجدية.. 
مجد أول ما أكرم ييجي.. هتقوله إنك عايز تروح البيت اللي هناك.. 
عقد مجد حاجبيه بنزق طفولي.. يهز رأسه رافضا
بس أنا مش عايز اروح..
قلبت عيناها باستياء.. 
متخافش.. هترجع هنا تاني.. بس أهم حاجه تقوله..
رفض بعناد وهو يعود بناظريه لشاشة هاتفه.. 
لأ مش هقوله.. 
زفرت بحنق قبل أن ترمقه بنظرة غاضبة.. 
لو مقولتلوش .. هاخد الفون اللي إنت فرحان بيه أوي ده..! 
اعترض بحدة 
مش من حقك تاخديه.. عمو أكرم هو اللي جيبهولي..
تهكمت.. 
وهو عمو أكرم جايبهولك لله وللوطن..! 
تستكمل بكذبة وقد رأت ازدراده لريقه پخوف .. 
هو جابهولك عشان أنا قولتله..
هز رأسه باستجابة وقد خاف من ټهديدها وافق مجبورا 
طيب خلاص هقوله...
ابتسمت باتساع وقد نالت ما أرادت.. تنبه بكلامها
شاطر.. بس أوعى تقوله أن أنا اللي قيلالك..
أومأ بعد أن انكمشت ملامحه بإحباط 
حاضر..
.........
.. وبعد وقت كانوا ملتفون حول المائدة الأنيقة يتناولون طعامهم بصمت عدا عن صوت أدوات الطعام واحتكاكها بالصحون.. وبضع ابتسامات توزع من حين لآخر.. ونظرة جانبية مختلسة من قبل أكرم لنورهان.. 
كان أكرم يجلس بالمقدمة على يمينه نورهان وصغيرتها تجلس أعلى ساقيها ويساره مجد.. يلاحظ حرب النظرات الدائرة بين زوجته وشقيقها ولكن يفضل عدم التدخل.. 
ظلت نورهان تحذر شقيقها بعينيها تضغط على اسنانها تشير له بأن يتحدث كما اتفقا.. 
وأخيرا تحدث مجد مرغما.. 
عمو... أنا عايز أروح بيتنا اللي هناك..
عبس أكرم بتساؤل.. 
ليه!
وانتظر إجابته ولكن الصغير توتر وارتبك يرسل نظرة متسائلة لأخته الجالسة أمامه فتقابله بطأطاة رأس.. 
زاغت نظرات الصغير ولم يعرف بما يجيب بالأساس نورهان اكتفت بأمرها بأن يقول كذا فحسب.. 
سأله أكرم باستغراب وقد شعر بتيه الصغير.. 
مجد... إنت عايز تروح هناك بجد..
حينها جاوبه الصغير وقد أطلق للسانه العنان.. 
بصراحة لا.. نور هي اللي قالتلي أقولك يااما هتاخد مني الموبايل اللي إنت جايبهولي
عشان هي اللي قالتلك تجبهولي... 
وأثناء كلامه برقت عينا نورهان تغمغم بخفوت من بين أسنانها.. 
الله يخربيتك..
وفور انتهاء الصغير من الكلام ناوله أكرم كوب من الماء البارد يهدئه بينما يرمق الجالسة بجواره بحاجب مرفوع وقد نال منها.. 
احمر وجه نور بشدة وارتبكت كادت أن تغص بطعامها
فعاجلها أكرم بنبرة متسلية.. 
إيه اجيبلك مية إنت كمان..! 
احنت رأسها وشعرت بالعرق يتصبب منها تتلعثم بشكر لم يصله 
وكل ماتريده بتلك اللحظة الهروب من أمامه لحظة لحظتان.. لحظات متتالية ورفعت رأسها تنظر إليه وقد تحول وجهها للون قاني إثر ارتباكها البالغ كان لايزال على حاله بحاجب مستفز مرفوع وشبح إبتسامة فتبسمت بتوتر تحني رأسها ثانية بحرج شديد.. 
...... 
.. هو أكبر مخاوفها.. وهي فتنته..
وفتنته تجلس أمامه على سريرهما الخاص تقرض أظافر يدها بتوتر حيث أنها عادة تلازمها كلما توترت أو شردت بشئ.. عادة سيئة لم تستطع التخلص منها.. 
تزم شفتيها وهي تراه يخرج من الحمام الملحق بغرفتهما عار الجزع مرتديا بنطال بيتي مريح يجفف خصلاته الفحمية بمنشفة هيأته بتلك اللحظة جعلت الاحمرار يزحف لبشرتها 
بتلك اللحظة.. هو فتنتها وهي أكبر مخاوفه..!
أكبر مخاوفه بالتأكيد لما لاتصدق اهتمامه تغيره الملموس صدق نيته..! 
حسنا من التبجح أن ينكر بأن له تاريخ حافل من الخذلان وانعدام الثقة.. 
ملامحها الشفافة معبرة جدا.. واضحة يكاد يقرأ صفحة وجهها بوضوح
لما تريد الذهاب لحارتها القديمة بيت أهلها!! 
وسؤال كان بداخله أخرجه بصوت مسموع وهو ينظر لها بنظرة ثاقبة عبر المرآه.. 
عايزة تروحي هناك ليه..
ردت بشئ من العدائية تنتفض بجلستها بتحفز تعلن الھجوم.. 
أنا من حقي اروح هناك بأي وقت أعوزه..
عقد حاجباه لم تعجبه النبرة ولا الهيئة المتحفزة.. هتف بحزم ونبرة أجشة جدية.. 
بالراحة.. احنا مش پنتخانق..!
وحزمه جعل تمردها وهجومها يتقهقران تعتدل بإحباط تقرض أظافرها بيدها.. تفند أسبابها ودوافعها
عايزة أشوف المكتبة واطمن ع البيت.. انت خدتني ومكنتش عاملة حسابي..
ظل على ثباته يتشبث بالمنشفة أعلى كتفه يشد منها الدعم بوقفته.. 
ولما تطمني ع البيت وهتشوفي المكتبة... ايه هيتغير!!.
يتابع بجفاء وليد اللحظة.. 
مفيش حاجة هتتغير يانور... لا البيت هترجعيه تاني ولا المكتبة هتقفي فيها تاني.....
إحباط واختناق يصيبان صدرها تهز رأسها بيأس.. تتنهد قبل أن تردد بتقرير 
فكرتك اتغيرت..
رفع حاجباه متعجبا 
ياسلام.. عشان مش عايزك تروحي هناك يبقى انا وحش!
يشير على صدره بسبابته بجمود ونزعة حمائية.. 
فكرتيني اتغيرت..! يعني ميمشيش معاكي إني غيران!!
للحظة ألجم لسانها عن الرد.. وقد فاجأها باعترافه تتمتم بسؤال مستغرب
غيران!
وقد لاحظ اتساع حدقتاها والمفاجأة على وجهها فيزيد من اعترافه ببساطة.. 
اه غيران... هو أنا مش راجل ولا إيه!
وبغباء منقطع النظير سألت بفاه فاغر.. 
غيران من حامد...
ثار بعنفوان 
متنطقيش اسمه.. 
يزيد بتجهم قسماته 
ثم أنا هغير من حامد!!
واخر كلامه كان بازدراء واضح حيث لا مقارنة تجمعه بأي شخص آخر.. 
لانت نبرته بالاخير.. يدس باقي اعترافه برأسها الصغير ضحل التفكير.. 
أنا غيران عليكي..
عليا!
كانت دهشتها عابرة للقارات منظر الصدمة الجلي بنظرتها وحاجبيها اللذان ارتفعا لمنابت شعرها جعله يضحك ولكن كتم ضحكته بداخله حفاظا على الهيبة.. 
يلقي بالمنشفة المبللة جانبا يعيد ترتيب خصلاته بيده.. يتحدث 
وعموما عشان اثبتلك إني اتغيرت... هنروح ياستي هناك بكرة..
سألته بإبتسامة ناعمة.. رغم اندهاشها 
هتيجي معايا!
يؤكد وهو يقترب.. 
طبعا هاجي... المرة اللي فاتت كنت هجيبلكو اتنين لمون... المرادي بقى هجيب المأذون..
ضحكت باتساع ملئ شدقيها.. ضحكة كانت صافية بالفعل ردوده مفاجآته. 
هيئته الرائعة وقد زادته ردوده المشټعلة وسامة فوق وسامته 
رائحة صابون استحمامه والتي بالسابق كانت تزكم أنفها الحساس الآن باتت تعجبها.. 
وفوق كل هذا يغار.. يغار عليها..! 
حمقاء هي.. بالتأكيد حمقاء ذات قلب أحمق بجدارة.. 
وتلك المرة الأولى التي تعجبها حماقتها.. 
شرد بضحكتها فابتسم.. ولكنه غمغم بضيق مصطنع وحاجب مرفوع.. 
لا والله..!! 
ترفع كفيها أمامها باستسلام.. وتلك من المرات النادرة.. بالأصح المرات المعډومة التي يكون بها خفيف الظل هكذا.. 
أسفة بس وانت بتقولها شكلك ضحكني...
وانتقلت ضحكتها إليه.. لتعلو ضحكته هو الآخر يهز رأسه وقد بات على آخره.. ولكنه قرر الصبر 
حيث أنه تيقن وتأكد من أن حياتهما لن تستقر أو تعتدل بالفراش.. بل بالحياة نفسها ومقابلة المواقف معا.. 
يهمس لها ومازالت نظراته مثبتة عليها.. تخترقها حتى العظام.. 
ماشي... أما اشوف اخرتها معاكي ايه!!..
..................................
.. صباح الجمعة بغرفة كمال..
عروس خجول حيث أن بحكايتهما هي الخجول وهو من أستلم دفة القارب وتحريكها وفقا لأهواء بحره.. وبحره لم يكن هائج وبالتالي لم يكن راكد... بل
معتدل كأمواج البحر بالصيف يناسب وضعهما المستقر حاليا..
عروس.. حتى وإن كانت متزوجة من شهور.. ولكن بتلك الفترة 
وهو الزوج المتحكم بمراعاة وبامتياز مع مرتبة الشرف وختم الخبرة.. 
تقف أمام المرآه تلف جسدها بمئزر زغبي أبيض اللون وهو خلفها للتو خرج من الحمام يرتدي كامل ثيابه.. 
تقف بملامح مشرقة تلهو نفسها عنه وعن نظراته المتفحصة الجريئة تستعمل
 

تم نسخ الرابط